في نهاية إنسانية لقضية شغلت الرأي العام المصري لأشهر، أعلن محمد البسطويسي، العامل بسيرك طنطا والذي فقد ذراعه في حادث مأسوي إثر هجوم نمر عليه خلال أحد العروض، عن موعد زفافه المقرر الشهر المقبل، وذلك بعد التوصل إلى اتفاق تصالح مع مدربة الأسود الشهيرة أنوسة كوتة.
الاتفاق تضمن دفع تعويض مالي قدره 400 ألف جنيه للبسطويسي، مقابل تنازله عن القضية التي صدر فيها حكم قضائي سابق بحبس أنوسة لمدة 3 أشهر، مع غرامة مالية بلغت 100 ألف جنيه، بتهمة الإهمال الذي أدى إلى إصابة خطيرة دائمة.
من الألم إلى الأمل.. “اللي جاي أحلى”
محمد البسطويسي، الذي تحوّل اسمه إلى رمز للتعاطف الشعبي، لم يكتف بإغلاق صفحة الماضي، بل فتح أخرى جديدة تحمل ملامح الأمل. إذ نشر على حسابه بموقع فيسبوك دعوة زفافه، مرفقة بصورة له وهو يحمل شبلاً صغيرًا، في مشهد رمزي قوي، يوحي بإيمانه بالحياة رغم الجراح.
وكتب البسطويسي في منشوره: “اللي فات ألم.. واللي جاي أمل.. الحمد لله على كل حاجة، ربنا عوضني عن سنة كلها وجع، وقررت أبدأ من جديد.”
تسوية تنهي صراعًا مؤلمًا
القضية تعود إلى العام الماضي، عندما تعرض البسطويسي لهجوم مفاجئ من نمر خلال تدريب بالسيرك، ما أدى إلى بتر ذراعه اليمنى، وفتح باب واسع من التساؤلات حول إجراءات السلامة داخل السيرك.
الحادث أثار موجة من الغضب، خاصة بعد تداول مقاطع فيديو توثق لحظة الهجوم، ودفع البسطويسي إلى اللجوء للقضاء، مطالبًا بمحاسبة المسؤولين.
الصلح الذي تم مؤخرًا بين الطرفين أغلق هذا الملف القضائي، بعد مفاوضات مطولة انتهت باتفاق مالي، واعتذار ضمني، وسط تأكيدات من البسطويسي أن هدفه من البداية كان “رد الاعتبار” وليس الانتقام.
أنوسة كوتة: نطوي صفحة ونفتح أخرى
من جهتها، لم تصدر أنوسة كوتة أي تصريحات إعلامية عقب إتمام الصلح، واكتفت بنشر صورة عبر حسابها على إنستغرام لأسد داخل قفص، مرفقة بتعليق: “كلنا بنتعلم، وكل تجربة بتعلمنا المسؤولية من جديد.”
يُذكر أن كوتة تعد من أبرز الأسماء في مجال ترويض الأسود بمصر، وتنتمي لعائلة فنية سيركية عريقة، وتعرضت في السنوات الأخيرة لانتقادات بسبب ضعف إجراءات السلامة داخل العروض.
طي صفحة.. وميلاد جديد
قصة محمد البسطويسي تمثل في نظر كثيرين حالة نادرة من التسامح وقوة الإرادة، فقد اختار الشاب أن يبدأ حياة جديدة، رغم كل ما مر به من ألم ومعاناة نفسية وجسدية.
وتحوّلت قصته من رمز للمأساة إلى نموذج للتصالح مع الذات والآخرين، مؤكداً أن الإنسان قادر دائمًا على النهوض من كبوته، وأن الحياة لا تتوقف عند الألم.