في رحلة الحياة، لا يُقاس الغنى بالمال ولا تُقاس السعادة بالمكان، بل بالقلوب التي نجاور بها الطريق. ولعلّ أقسى ما يمكن أن يمر به الإنسان هو غدر من اعتبرهم يومًا أصدقاء الروح، من تقاسم معهم الضحكة والدمعة، الطريق والحلم، فإذا بهم يتحولون إلى سهام تطعن القلب من حيث لا يحتسب.
غدر الصحاب ليس مجرد خيبة أمل، بل صدمة زلزالها لا يُقاس. لأن الطعنة حين تأتي من العدو، فهي متوقعة، ولكن حين تأتي من صديق، تُربك المعاني وتكسر الثقة في الناس، بل وربما في النفس.
الأصحاب الحقيقيون كنز نادر، ولكن في زمن المصالح والانتهازية، باتت الصداقة عملة زائفة في كثير من الأحيان. يصادقك البعض من أجل مصلحة، ومن دونها يختفون، بل قد يستخدمون أسرارك يومًا كسلاح ضدك. وما أقسى أن يُستَغل الوفاء ليُجابَه بالخيانة.
لكن رغم قسوة الغدر، لا ينبغي أن يجعلنا نغلق أبواب الثقة في وجه الجميع. فليكن ما حدث درسًا، لا جرحًا لا يندمل. تعلم من الغدر أن تُحسن الاختيار، وأن تزن الناس بأفعالهم لا بكلماتهم.
وإن غدرك الصاحب يومًا، فتذكّر أن الطيبين موجودون، وأن الحياة لا تتوقف عند من خذلونا. بل تبدأ من جديد مع من يستحقون أن نمنحهم قلوبنا دون خوف.