أمرت النيابة الإدارية بإحالة أربعة من أفراد الطاقم الطبي في أحد مستشفيات النساء والولادة إلى المحاكمة التأديبية، بعد أن كشفت التحقيقات عن مخالفات جسيمة في واقعة تسليم مولودة لأسرتها على أنها متوفاة رغم كونها حية وقتها.
وشملت قائمة المتهمين أخصائي أطفال، وطبيبة أطفال، وفنية تمريض، ومديرة المستشفى، وذلك عقب تحقيقات موسعة أجرتها النيابة في القضية التي أثارت جدلًا واسعًا.
تعود تفاصيل القضية إلى بلاغ من والد الطفلة للنيابة الإدارية بأسيوط القسم الثاني، أفاد فيه أن زوجته وضعت توأمًا ذكرًا وأنثى في الشهر السادس من الحمل، وأن المستشفى أبلغته بوفاتهما فور الولادة، وسلّمه جثمانيهما للدفن.
وخلال طريق العودة، لاحظ الأب أن الطفلة لا تزال تتنفس، فقام بنقلها على الفور إلى مركز طبي خاص، حيث أكد الأطباء أنها على قيد الحياة، بينما كان شقيقها قد توفي بالفعل. ورغم تقديم الرعاية الطبية اللازمة، توفيت الطفلة بعد يومين في مستشفى الأطفال بجامعة أسيوط.
باشرت النيابة الإدارية التحقيقات تحت إشراف المستشارة فاطمة عثمان، مدير النيابة، وقيادة المستشار عبد القادر محمد، الذي أمر بإجراء معاينة ميدانية للمستشفى وتفريغ كاميرات المراقبة. كما تم تشكيل لجنة طبية من كلية الطب بجامعة أسيوط لفحص الواقعة فنيًا، إلى جانب استدعاء الأطباء وشهود الواقعة.
كشفت التحقيقات أن الزوجة دخلت المستشفى في حالة ولادة مبكرة، وأن الطفل الذكر وُلد ميتًا، بينما كانت الطفلة الأنثى حية، إلا أن الطبيبين المسؤولين لم يلتزما بالبروتوكولات الطبية وتركَا الطفلة دون رعاية داخل جهاز تدفئة حديثي الولادة.
كما أثبتت الطبيبة المسؤولة في السجلات وفاة الطفلة بعد ثلاث دقائق فقط من الولادة دون فحص حقيقي، ثم عدّلت التشخيص لاحقًا بعد علمها بأن الطفلة كانت حية، في محاولة للتنصل من المسؤولية.
وأظهرت التحقيقات أن فنية التمريض وقعت على إخطار الولادة بدلًا من الطبيب المختص، في مخالفة صريحة للإجراءات الطبية والإدارية.
وخلال المعاينة الميدانية، رصدت النيابة تدني مستوى النظافة في المستشفى ووجود حيوانات ضالة (قطط) داخل الأقسام، ما يُعد إخلالًا جسيمًا بمعايير السلامة الطبية.
وتحملت مديرة المستشفى المسؤولية الإدارية عن التقاعس في متابعة شركة النظافة المتعاقدة، وعدم تطبيق التدابير الوقائية داخل المستشفى.
وفي ختام التحقيقات، أصدرت النيابة الإدارية قرارًا بـإحالة جميع المتهمين الأربعة للمحاكمة التأديبية، مع إخطار النيابة العامة لاتخاذ الإجراءات الجنائية اللازمة حيال الواقعة، التي تمثل إحدى أبرز قضايا الإهمال الطبي التي شهدتها المستشفيات الحكومية مؤخرًا.














